سورة الإسراء - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


قوله تعالى: {وقضى ربك} روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أمَر ربك. ونقل عنه الضحاك أنه قال: إِنما هي ووصى ربك فالتصقت إِحدى الواوين ب الصاد، وكذلك قرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو المتوكل، وسعيد بن جبير: {ووصى}، وهذا على خلاف ما انعقد عليه الإِجماع، فلا يلتفت إِليه. وقرأ أبو عمران، وعاصم الجحدري، ومعاذ القارئ: {وقضاءُ ربك} بقاف وضاد بالمد والهمز والرفع وخفض اسم الرب. قال ابن الأنباري: هذا القضاء ليس من باب الحتم والوجوب، لكنه من باب الأمر والفرض، وأصل القضاء في اللغة: قطع الشيء باحكام وإِتقان، قال الشاعر يرثي عمر:
قَضَيْتُ أُمُوْراً ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا *** بَوائِقَ في أكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
أراد: قطعتَها محكِماً لها.
قوله تعالى: {وبالوالدين إِحساناً} أي: وأمر بالوالدين إِحسانا، وهو البِرُّ والإِكرام، وقد ذكرنا هذا في [البقرة: 83].
قوله تعالى: {إِما يبلغن} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: {يبلغنَّ} على التوحيد. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: {يبلغانِّ} على التثنية. قال الفراء: جعلت {يبلغن} فعلاً لأحدهما وكرَّت عليهما {كلاهما}. ومن قرأ {يبلغانِّ} فإنه ثنَّى، لأن الوالدين قد ذُكرا قبل هذا، فصار الفعل على عددهما، ثم قال: {أحدهما أو كلاهما} على الاستئناف، كقوله: {فعموا وصموا} [المائدة: 71] ثم استأنف فقال: {كثيرٌ منهم}.
قوله تعالى: {فلا تقل لهما أفٍّ} قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {أُفٍ} بالكسر من غير تنوين. وقرأ ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب، والمفضل: {أُفَّ} بالفتح من غير تنوين. وقرأ نافع، وحفص عن عاصم: {أُفٍّ} بالكسر والتنوين. وقرأ أبو الجوزاء، وابن يعمر: {أُفٌّ} بالرفع والتنوين وتشديد الفاء. وقرأ معاذ القارئ، وعاصم، الجحدري، وحميد بن قيس: {أَفّاً} مثل تعساً. وقرأ أبو عمران الجوني، وأبو السماك العدوي: {أُفُّ} بالرفع من غير تنوين مع تشديد الفاء، وهي رواية الأصمعي عن أبي عمرو. وقرأ عكرمة، وأبو المتوكل، وأبو رجاء، وأبو الجوزاء: {أُفْ} باسكان الفاء وتخفيفها؛ قال الأخفش: وهذا لأن بعض العرب يقول: أفْ لك، على الحكاية، والرفع قبيح، لأنه لم يجيء بعده لام. وقرأ أبو العالية، وأبو حصين الأسدي: {أُفِّي} بتشديد الفاء وبياء. وروى ابن الأنباري أن بعضهم قرأها: {إِفِ} بكسر الهمزة. وقال الزجاج: فيها سبع لغات، الكسر بلا تنوين، وبتنوين، والضم بلا تنوين، وبتنوين، والفتح بلا تنوين، وبتنوين، واللغة السابعة لا تجوز في القراءة: {أُفي} بالياء، هكذا قال الزجاج. وقال ابن الأنباري: في {أُفٍّ} عشرة أوجه. أُفَّ لك، بفتح الفاء، وأُفِّ بكسرها، وأُفٍّ، وأُفَّا لك بالنصب والتنوين على مذهب الدعاء كما تقول: وَيْلاً للكافرين، وأُفٌّ لك، بالرفع والتنوين، وهو رفع باللام، كقوله تعالى: {ويل للمطففين} [المطففون: 1]، وأفهٍ لك، بالخفض والتنوين، تشبيهاً بالأصوات، كقولك: صهٍ ومهٍ، وأفهاً لك، على مذهب الدعاء أيضاً، وأُفّي لك، على الإِضافة إِلى النفس، وأُفْ لك، بسكون الفاء، تشبيهاً بالأدوات، مثل: كم وهل وبل، وإِفْ لك، بكسر الألف.
وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي، قال: وتقول: أُفِ منه، وأُفَ، وأُفُ، وأُفٍ، وأُفاً، وأفٌ، وأُفّي مضاف، وأفهاً، وأفاً بالألف، ولا تقل: أُفي بالياء فانه خطأٌ.
فأما معنى أف ففيه خمسة أقوال.
أحدها: أنه وسخ الظفر، قاله الخليل.
والثاني: وسخ الأذن، قاله الأصمعي. والثالث: قلامة الظفر، قاله ثعلب. والرابع: أن الأف الاحتقار والاستصغار، من الأَفف، والأَفف عند العرب: القِلَّة، ذكره ابن الأنباري. والخامس: أن الأُفَّ ما رفعته من الأرض من عود أو قصبة، حكاه ابن فارس اللغوي. وقرأت على شيخنا أبي منصور قال: معنى الأف: النَّتَن، والتضجر، وأصلها: نفخك الشيء يسقط عليك من تراب ورماد، وللمكان تريد إِماطة الأذى عنه، فقيلت لكل مستثقَل. قال المصنف: وأما قولهم: تُف، فقد جعلها قوم بمعنى أف، فروي عن أبي عبيد أنه قال: أصل الأُفِّ والتُفِّ: الوسخ على الأصابع إِذا فتلته. وحكى ابن الأنباري فرقاً، فقال: قال اللغويون: أصل الأُفِّ في اللغة: وسخ الأذن، والتُّفّ: وسخ الأظفار، فاستعملتهما العرب فيما يكره ويستقذرُ ويُضجر منه. وحكى الزجاج فرقاً آخر، فقال: قد قيل: إِن أف: وسخ الأظفار، والتف: الشيء الحقير، نحو وسخ الأذن، أو الشظية تؤخذ من الأرض، ومعنى أُف: النَّتْنُ، ومعنى الآية: لا تقل لهما كلاماً تتبرَّم فيه بهما إِذا كَبِرَا وأسَنَّا، فينبغي أن تتولَّى من خدمتهما مثل الذي توليا من القيام بشأنك وخدمتك، {ولا تنهرهما} أي: لا تكلمهما ضَجِراً صائحاً في وجوههما. وقال عطاء بن أبي رباح: لا تنفض يدك عليهما، يقال: نَهَرْتُهُ أنْهَرهُ نَهْراً، وانتهَرْتُه انتهاراً، بمعنى واحد. وقال ابن فارس: نهرتُ الرجُل وانتهرتُه، مثل: زجرتُه. قال المفسرون: وإِنما نهى عن أذاهما في الكِبَر، وإِن كان منهياً عنه على كلِّ حالة، لأن حالة الكِبَر يظهر فيها منهما ما يُضجِر ويؤذي، وتكثر خدمتهما.
قوله تعالى: {وقل لهما قولاً كريماً} أي: ليِّناً لطيفاً أحسن ما تجد. وقال سعيد بن المسيّب: قولَ العبد المذنِب للسَّيد الفظّ.
قوله تعالى: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} أي: ألِنْ لهما جانبك متذللاً لهما من رحمتك إِياهما. وخفضُ الجَناح قد شرحناه في [الحجر: 88]. قال عطاء: جناحك: يداك، فلا ترفعهما على والديك. والجمهور يضمون الذال من {الذُّلّ}. وقرأ أبو رزين، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعاصم الجحدري، وابن أبي عبلة: بكسر الذال. قال الفراء: الذِّل: أن تتذلَّلَ لهما، من الذِّل، والذُّل: أن تتذلل ولست بذليل في الخدمة، والُّذل والذلة: مصدر الذليل، والذِّل، بالكسر: مصدر الذَّلول، مثل الدابة والأرض. قال ابن الأنباري: من قرأ {الذّل}، بكسر الذال، جعله بمعنى الذُّل، بضم الذال، والذي عليه كُبَراء أهل اللغة أن الذُّل من الرجل: الذليل، والذِّل من الدابة: الذَّلول.
قوله تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً} أي: مثل رحمتهما إِياي في صغري حتى ربياني. وقد ذهب قوم إِلى أن هذا الدعاء المطلق نُسخ منه الدعاء لأهل الشرك بقوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113]، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس، والحسن، وعكرمة، ومقاتل. قال المصنف: ولا أرى هذا نسخاً عند الفقهاء، لأنه عامّ دخله التخصيص، وقد ذَكَرَ قريباً مما قلتُه ابن جرير.
قوله تعالى: {ربكم أعلم بما في نفوسكم} أي: بما تُضمرون من اْلبِرِّ والعقوق، فمن بدرت منه بادرة وهو لا يُضمِر العقوق، غفر له ذلك، وهو قوله: {إِن تكونوا صالحين} أي: طائعين لله، وقيل بارِّين، وقيل: توَّابين، {فإنه كان للأوابين غفوراً} في الأوّاب عشرة أقوال:
أحدها: أنه المسلِم، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أنه التواب، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، وأبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: هو التائبُ مَرَّة بعد مَرَّة. وقال الزجاج: هو التوَّاب المُقْلِع عن جميع ما نهاه الله عنه، يقال: قد آب يؤوب أَوْباً: إِذا رجع.
والثالث: أنه المسبِّح، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والرابع: أنه المطيع لله تعالى، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
والخامس: أنه الذي يَذْكر ذَنْبه في الخلاء، فيستغفر اللهَ منه، قاله عُبيد بن عُمير.
والسادس: أنه المُقْبل إلى الله تعالى بقلبه وعمله، قاله الحسن.
والسابع: المصلِّي، قاله قتادة.
والثامن: هو الذي يصلِّي بين المغرب والعشاء، قاله ابن المنكدِر.
والتاسع: الذي يصلّي صلاة الضُّحى، قاله عَون العُقيلي.
والعاشر: أنه الذي يُذْنِب سِرّاً ويتوب سِرّاً، قاله السُّدِّي.


قوله تعالى: {وآت ذا القربى حقَّه} فيه قولان:
أحدهما: أنه قرابة الرجل من قبَل أبيه وأُمِّه، قاله ابن عباس، والحسن، فعلى هذا في حقهم ثلاثة أقوال.
أحدها: أن المراد به: بِرُّهم وصِلَتهم.
والثاني: النَّفقة الواجبة لهم وقت الحاجة.
والثالث: الوصيَّة لهم عند الوفاة.
والثاني: أنهم قرابة الرسول، قاله علي بن الحسين عليهما السلام، والسدي. فعلى هذا، يكون حقهم: إِعطاؤهم من الخُمس، ويكون الخطاب للوُلاة.
قوله تعالى: {والمسكينَ وابنَ السبيل} قال القاضي أبو يعلى: يجوز أن يكون المراد: الصدقات الواجبة، يعني: الزكاة، ويجوز أن يكون الحق الذي يَلزمه إِعطاؤه عند الضرور إِليه. وقيل: حق المسكين، من الصدقة، وابن السبيل، من الضيافة.
قوله تعالى: {ولا تبذِّر تبذيراً} في التبذير قولان:
أحدهما: أنه إِنفاق المال في غير حق، قاله ابن مسعود، وابن عباس. وقال مجاهد: لو أنفق الرجل ماله كلَّه في حقٍّ، ما كان مبذِّراً، ولو أنفق مُدّاً في غير حق، كان مبذِّراً. قال الزجاج: التبذير: النفقة في غير طاعة الله، وكانت الجاهلية تنحر الإِبل وتبذِّر الأموال تطلب بذلك الفخر والسُّمعة، فأمر الله عز وجل بالنفقة في وجهها فيما يقرِّب منه.
والثاني: أنه الإِسراف المتلفِ للمال، ذكره الماوردي. وقال أبو عبيدة: المبذِّر: هو المُسرف المُفسد العائث.
قوله تعالى {إِن المبذِّرين كانوا إِخوان الشياطين} لأنهم يوافقونهم فيما يدعونهم إِليه، ويشاكلونهم في معصية الله، {وكان الشيطان لربه كفورا} أي: جاحداً لنِعَمه. وهذا يتضمن أن المسرف كفور للنِّعم.
قوله تعالى: {وإِما تعرضَنَّ عنهم} في المشار إِليهم أربعة أقوال.
أحدها: أنهم الذين تقدَّم ذِكْرُهم من الأقارب والمساكين وأبناء السبيل، قاله الأكثرون، فعلى هذا في علَّة هذا الإِعراض قولان. أحدهما: الإِعسار، قاله الجمهور.
والثاني: خوف إِنفاقهم ذلك في معصية الله، قاله ابن زيد. وعلى هذا في الرحمة قولان:
أحدهما: الرزق، قاله الأكثرون.
والثاني: أنه الصلاح والتوبة، هذا على قول ابن زيد.
والثاني: أنهم المشركون، فالمعنى: وإِما تعرضَنَّ عنهم لتكذيبهم، قاله سعيد بن جبير. فتحتمل إذاً الرحمة وجهين.
أحدهما: انتظار النصر عليهم.
والثاني: الهداية لهم.
والثالث: أنهم ناس من مُزينة جاؤوا يستحملون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: {لا أجد ما أحملكم عليه}، فبكَوا، فنزلت هذه الآية، قاله عطاء الخراساني.
والرابع: أنها نزلت في خبَّاب، وبلال، وعمَّار، ومِهجَع، ونحوهم من الفقراء، كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجد ما يعطيهم، فيُعرض عنهم ويسكت، قاله مقاتل. فعلى هذا القول والذي قبله تكون الرحمة بمعنى الرِّزق.
قوله تعالى: {فقل لهم قولاً ميسوراً} قال أبو عبيدة: ليِّناً هيِّناً، وهو من اليُسْر. وللمفسرين فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه العِدَة الحسنة، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد.
والثاني: أنه القول الجميل، مثل أن يقول: رزقنا الله وإِياك، قاله ابن زيد؛ وهذا على ما تقدّم من قوله.
والثالث: أنه المداراة لهم باللسان، على قول مَن قال: هم المشركون، قاله أبو سليمان الدمشقي؛ وعلى هذا القول، تحتمل الآية النسخ.


قوله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إِلى عنقك} سبب نزولها: أن غلاماً جاء إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال، إِن أُمِّي تسألك كذا وكذا، قال: «ما عندنا اليوم شيء»، قال: فتقول لك: اكْسُني قميصك، قال: فخلع قميصه فدفعه إِليه، وجلس في البيت حاسراً، فنزلت هذه الآية، قاله ابن مسعود. وروى جابر بن عبد الله نحو هذا، فزاد فيه، فأذَّن بلال للصلاة، وانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم، فرأوه عُرياناً، فنزلت هذه الآية، والمعنى: لا تمسك يدك عن البذل كلَّ الإِمساك حتى كأنها مقبوضة إِلى عنقك، {ولا تبسطها كلَّ البسط} في الإِعطاء والنفقة {فتقعُدَ ملوماً} تلوم نفسك ويلومك الناس، {محسوراً} قال ابن قتيبة: تَحْسِرُكَ العطيةُ وتقطعك كما يَحْسِرُ السفر البعيرَ فيبقى منقطعاً به. قال الزجّاج: المحسور: الذي قد بلغ الغاية في التعب والإِعياء، فالمعنى: فتقعدَ وقد بلغتَ في الحَمْل على نفسك وحالك حتى صِرتَ بمنزلة من قد حَسَر. قال القاضي أبو يعلى: وهذا الخطاب أُريدَ به غيرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يكن يدَّخِرُ شيئاً لغدٍ، وكان يجوع حتى يشُدَّ الحجَر على بطنه، وقد كان كثير من فضلاء الصحابة ينفقون جميع ما يملكون، فلم ينههم الله، لصحة يقينهم، وإِنما نهى من خِيف عليه التحسُّر على ما خرج من يده، فأما من وثق بوعد الله تعالى، فهو غير مراد بالآية.
قوله تعالى: {إِن ربَّك يبسُط الرِّزق لمن يشاء ويقدر} أي: يوسع على من يشاء ويضيِّق، {إِنه كان بعباده خبيراً بصيراً} حيث أجرى أرزاقهم على ما علم فيه صلاحهم.
قوله تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم خَشية إِملاق} قد فسرناه في [الأنعام: 151].
قوله تعالى: {كان خِطْئاً كبيراً} قرأ نافع، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: {خِطْءاً} مكسورة الخاء ساكنة الطاء مهموزة مقصورة. وقرأ ابن كثير، وعطاء: {خِطاءً} مكسورة الخاء ممدودة مهموزة. وقرأ ابن عامر: {خَطَأً} بنصب الخاء والطاء وبالهمز من غير مدٍّ. وقرأ أبو رزين كذلك، إِلاَّ أنه مَدَّ وقرأ الحسن، وقتادة: {خَطْءاً} بفتح الخاء وسكون الطاء مهموز مقصور. وقرأ الزهري، وحميد بن قيس: {خِطاً} بكسر الخاء وتنوين الطاء من غير همز ولا مَدّ. قال الفراء: الخِطء: الإِثم، وقد يكون في معنى خَطَأ كما قالوا: قِتْبٌ وقَتَبٌ وحِذْرٌ وحَذَرٌ ونِجْسٌ ونَجَسٌ، والخِطء، والخِطاء، والخَطَاء، ممدود: لغات. وقال أبو عبيدة: خَطِئْتُ وأَخْطَأْتُ، لغتان. وقال أبو علي: قراءة ابن كثير {خِطاءً}، يجوز أن تكون مصدرَ خاطأ وإِن لم يسمع خاطأَ ولكن قد جاء ما يدل عليه، أنشد أبو عبيدة:
الخِطءُ والخَطء والخَطاء ***
وقال الأخفش: خَطِئ يَخْطَأُ بمعنى أَذْنَبَ وليس بمعنى أَخطأَ، لأن أخطأ: فيما لم يصنعه عمداً، تقول فيما أتيتَه عمداً: خَطِئْتُ، وفيما لم تتعمده: أخطأتُ. وقال ابن الأنباري: الخِطء: الإِثم، يقال: قد خَطِئَ يَخْطَأُ: إذا أثم، وأَخْطَأ يُخْطِئُ: إِذا فارق الصواب. وقد شرحنا هذا في [يوسف: 91] عند قوله: {وإِن كنا لخاطئين}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8